بات من المسلمات أن النظم الصحية الجيدة هي الاكثر الاستجابة بطريقة فعالة وإنسانية لحقوق واحتياجات المواطنين من خلال العمل على تحسين أوضاعهم الصحية، وذلك بتوفير كل السبل الممكن لأرقى بجودة الخدمات المسدلة في هذا المجال الحيوي الحساس والعمل على حمايتهم صحيّا واجنماعيا من كل المخاطر و الاوباء المحتملة، وما من سبيل لتحقيق هذه الغايات إلا بتحرى الحوكمة (الحكم الرشيد) فى أى تنظيم للقطاع الصحى.
يشير مفهوم الحوكمة أو الحكم الصالح إلى مجموعة مركبة من العمليات والهياكل العامة والخاصة على حد سواء، والتى يتم من خلالها التوفيق بين المصالح المتعارضة والتوصل إلى حلول توافقية. والحوكمة مفهوم أوسع من الحكومة. فهو يشمل تفاعلات الجهاز الحكومى بجانب عناصر غير حكومية فى المجتمع كما يشمل علاقاتهما سويا بالاقتصاد والسياسات العامة.
وقد أثبتت الدروس السابقة فى معرض إصلاح منظومة الحوكمة الصحية أنها لا يمكن أن تستقيم دون إرادة سياسية وقيادة واعية ومُلهمة تؤمن بالحقوق الإنسانية عامة وبالحق فى الصحة على وجه خاص، بما يجعلها تبدع فى وضع السياسات وإقامة المؤسسات الفعالة وتبنى التشريعات العادلة وتأخذ الإجراءات السريعة لتحقيق تلك الأهداف المشار إليها فى المنظومة الصحية…